و هي المعاملة علی أن تزرع الأرض بحصّة من حاصلها، و هي عقد من العقود یحتاج إلی إیجاب من صاحب الأرض، و هو کلّ لفظ أفاد إنشاء هذا المعنی کقوله: «زار عتک» أو «سلّمت إلیک الأرض مدّة کذا علی أن تزرعها علی کذا» و أمثال ذلک، و قبول من الزرع بلفظ أفاد إنشاء الرضا بالإیجاب کسائر العقود. و الظاهر کفایة القبول الفعلي بعد الإیجاب القولي؛ بأن یتسلّم الأرض بهذا القصد و یشتغل لها. و لا یعتبر فیها العربیّة، بل یقع عقدها بأيّ لغة کان، و في جریان المعاطاة فیها إشکال.
مسألة ۱- یعتبر فیها زائداً علی ما اعتبر في المتعاقدین في سائر العقود – من البلوغ و العقل و القصد و الاختیار و الرشد – اُمور:
أحدها جعل الحاصل مشاعاً بینهما، فلو جعل الکلّ لأحدهما أو شرطا أن یکون بعضه الخاصّ – کالذي یحصل متقدّماً أو الذي یحصل من القطعة الفلانیّة – لأحدهما و الآخر للآخر، لم یصحّ.
ثانیها: تعیین حصّة الزارع بمثل النصف أو الثلث أو الربع و نحو ذلک.
ثالثها: تعیین المدّة بالأشهر أو السنین، و لو اقتصر علی ذکر المزروع في سنة واحدة ففي الاکتفاء به عین تعیین المدّة و جهان، أو جههما الأوّل، لکن فیما إذا عیّن مبدأ الشروع في الزرع، و إذا عیّن المدّة بالزمان لابدّ أن تکون مدّة یدرک فیها الزرع بحسب العادة، فلا تکفي المدّة القلیلة التي تقصر عن إدراکه. رابعها: أن تکون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح و طمّ الحفر و حفر النهر و نحو ذلک، فلو کانت سبخة لا تقبل للزرع، أو لم یکن لها ماء و لا یکفیه ماء السماء و لا یمکن تحصیل الماء لها و لو بمثل حفر النهر أو البئر أو الشراء، لم یصحّ.
خامسها: تعیین المزروع؛ من أنّه حنطة دو شعیر أو غیرهما مع اختلاف الأغراض فیه، نعم لو صرّح بالتعمیم صحّ، فیتخیّر الزارع بین أنواعه.
سادسها: تعیین الأرض، فلو زارعه علی قطعة من هذه القطعات، أو مزرعة من هذه المزارع بطل. نعم لو عیّن قطعة معیّنة من الأرض التي لم تختلف أجزاؤها و قال: زارعتک علی جریب من هذه القطعة – علی نحو الکلّي في المعیّن – فالظاهر الصحّة، و یکون التخییر في تعیینه لصاحب الأرض.
سابعها: أن یعیّنا کون البذر و سائر المصارف علی أيّ منهما إذا لم یکن تعارف.
مسألة ۲- لا یعتبر في المزارعة کون الأرض ملکاً للمزارع، بل یکفي کونه مالکاً لمنفعتها أو انتفاعها بالإجارة و نحوها، أو أخذاً لها من مالکها بعنوان المزارعة، أو کانت أرضاً خراجیّة و قد تقبّلها من السلطان أو غیره، نعم لو لم یکن له فیها حقّ و لا علیها سلطنة أصلاً کالموات لم یصحّ مزارعتها، و إن أمکن أن یتشارکا في زرعها و حاصلها مع الاشتراک في البذر، لکنّه لیس من المزارعة في شيء.
مسألة ۳- إذا أذن مالک الأرض أو المزرعة إذناً عامّاً؛ بأنّ کلّ من زرع أرضه أو مزرعته فله نصف الحاصل – مثلاً – فأقدم واحد علی ذلک، استحقّ المالک حصّته.
مسألة ۴- إذا اشترطان أن یکون الحاصل بینهما بعد إخراج الخراج، أو بعد إخراج البذر لباذله، أو ما یصرف في تعمیر الأرض لصارفه، فإن اطمئنّا ببقاء شيء بعد ذلک من الحاصل لیکون بینهما صحّ، و إلّا بطل.
مسألة ۵- إذا انقضت المدّة المعیّنة و لم یدرک الزرع لم یستحقّ الزارع إبقاء و لو بالاُجرة، بل للمالک الأمر بإزالته من دون أرش و له إبقاؤه مجّاناً أو مع الاُجرة إن رضي الزارع بها.
مسألة ۶- لو ترک الزارع الزرع حتّی انقضت المدّة، فهل یضمن اُجرة المثل أو ما یعادل حصّة المالک بحسب التخمین أو لا یضمن شیئاً؟ وجوه، و الأحوط التراضي و التصالح و إن کان الأخیر لا یخلو من قوّة، هذا إذا لم یکن ترک الزرع لعذر عامّ کالثلوج الخارقة أو صیرورة المحلّ معسکراً أو مسبعة و نحوها، و إلّا انفسخت المزارعة.
مسألة ۷- إذا زارع علی أرض ثمب تبیّن للزارع أنّه لا ماء لها فعلاً لکن أمکن تحصیله بحفر بئر و نحوه صحّت المزارعة، لکن للعامل خیار الفسخ. و کذا لو تبیّن کون الأرض غیر صالحة للزراعة إلّا بالعلاج التامّ کما إذا کانت مستولیاً علیها الماء لکن یمکن قطعة عنها نعم لو تبیّن أنّه لا ماء لها فعلاً و لا یمکن تحصیله، أو کانت مشغولة بمانع لا یمکن إزالته و لا یرجی زواله، کان باطلاً.
مسألة ۸- إذا عیّن المالک له نوعاً من الزرع – کالحنطة أو الشعیر أو غیرهما – فزرع غیره ببذره کان له الخیار بین الفسخ و الإمضاء، فإن دمضاه أخذ حصّته، و إن فسخ کان الزرع للزارع و علیه للمالک اُجرة الأرض.
مسألة ۹- الظاهر أنّه یعتبر في حقیقة المزارعة کون الأرض من أحدهما و العمل من الآخر، و أمّا البذر و العوامل و سائر المصارف فبحسب ما یشترطانه، فیجوز جعل کلّها علی المزارع أو علی الزارع، أو بعضها علی هذا و بعضها علی ذلک، و لابدّ من تعیین ذلک حین العقد إلّا إذا کان هناک معتاد یغني عن التعیین.
مسألة ۱۰- یجوز للزارع أن یشارک غیره في مزارعته بجعل حصّة من حصّته لمن شارکه؛ بحیث کأنّهما معاً طرف للمالک، کما أنّه یجوز أن یزارع غیره بحیث کان الزارع الثاني طرفاً للمالک، لکن لابدّ أن تکون حصّة المالک محفوظة. فإذا کانت المزارعة الاُولی بالنصف لم یجز أن تجعل المزارعة الثانیة بالثلث للمالک و الثلثین للعامل، نعم یجوز أن یجعل حصّة الزارع الثاني أقلّ من حصّة الزارع الثاني أقلّ من حصّة الزارع الثاني حصّته و المالک حصّته و ما بقي یکون للزارع في المزارعة الاُولی؛ مثلاً إذا کانت المزارعة الاُولی بالنصف و جعل حصّة الزارع في المزارعة الثانیة الربع کان للمالک نصف الحاصل و للزارع الثاني الربع و یبقي الربع للزارع في المزرعة الاُولی. و لا فرق في ذلک کلّه بین دن یکون البذر في المزارعة الاُولی علی المالک أو علی العامل، و لو جعل في الاُولی علی العامل یجوز في الثانیة أن یجعل علی المزارع أو علی الزارع. و لا یعتبر في صحّة التشریک في المزارعة و لا إیقاع المزارعة الثانیة إذن المالک. نعم لا یجوز تسلیم الأرض إلی ذلک الغیر إلّا بإذنه، کما أنّه لو شرط علیه المالک أن یباشر بنفسه – بحیث لا یشارکه غیره و لا یزارعه – کان هو المتّبع.
مسألة ۱۱- المزارعة عقد لازم من الطرفین، فلا تنفسخ بفسخ أحدهما إلّا إذا کان له الخیار بسبب الاشتراط و غیره. و تنفسخ بالتقایل کسائر العقود اللازمة، کما أنّه تبطل و تنفسخ قهراً بخروج الأرض عن قابلیّة الانتفاع لانقطاع الماء عنها أو استیلائه علیها و غیر ذلک.
مسألة ۱۲- لا تبطل المزارعة بموت أحد المتعاقدین، فإن مات ربّ الأرض قام وارثه مقامه و إن مات العامل فکذلک، فإمّا أن یتمّوا العمل و لهم حصّة مورّثهم و إمّا أن یستأجروا أحداً لإتمام العمل من مال المورّث و لو بالحصّة المزبورة، فإن زاد شيء کان لهم. نعم إذا اشترط علی العامل مباشرته للعمل تبطل بموته.
مسألة ۱۳- إذا تبیّن بطلان المزارعة بعد ما زرع الأرض، فإن کان البذر لصاحب الأرض کان الزرع له و علیه اُجرة العامل، و کذا اُجرة العوامل إن کانت من العامل، و إن کان من العامل کان الزرع له و علیه اُجرة الأرض، و کذا اُجرة العوامل إن کانت من صاحب الأرض، و لیس علیه إبقاء الزرع إلی بلوغ الحاصل و لو بالاُجرة، فله أن یأمر بقلعه.
مسألة ۱۴- کیفیّة اشتراک العامل مع المالک في الحاصل تابعة للجعل و القرار الواقع بینهما، فتارة: یشترکان في الزرع من حین طلوعه و بروزه، فیکون حشیشة و قصیله و تبنه و حبّة کلّها مشترکة بینهما، و اُخری: یشترکان في خصوص حبّه؛ إمّا من حین انعقاده أو بعده إلی زمان حصاده، فیکون الحشیش و القصیل و التبن کلّها لصاحب البذر. هذا مع التصریح منهما، و أمّا مع عدمه فالظاهر من مقتضی وضع المزارعة عند الإطلاق الوجه الأوّل، فالزرع بمجرّد خروجه یکون مشترکاً بینهما.
و یترتّب علی ذلک اُمور:
منها: کون القصیل و التبن أیضاً بینهما.
و منها: تعلّق الزکاة بکلّ منهما إذا کان حصّة کلّ منهما بالغاً حدّ النصاب، و تعلّقها بمن بلغ نصیبه حدّ النصاب إن بلغ نصیب أحدهما، و عدم تعلّقها أصلاً إن لم یبلغ النصاب نصیب واحد منهما.
و منها: أنّه لو حصل فسخ من أحدهما بخیار أو منهما بالتقایل في الأثناء یکون الزرع و بینهما، و لیس لصاحب الأرض علی العامل اُجرة أرضه و لا للعامل علیه اُجرة عمله بالنسبة إلی ما مضی، و أمّا بالنسبة إلی الآتي إلی زمان البلوغ و الحصاد، فإن وقع بینهما التراضي بالبقاء بلا اُجرة أو معها أو علی القطع قصیلاً فلا إشکال، و إلّا فکلّ منهما مسلّط علی حصّته، فلصاحب الأرض مطالبة القسمة و إبقاء حصّته و إلزام الزارع بقطع حصّته، کما أن للزارع مطالبتها لیقطع حصّته و تبقی حصّته صاحبه.
مسألة ۱۵- خراج الأرض و مال الإجارة للأرض المستأجرة علی المزارع. و لیس علی الزارع إلّا إذا شرط علیه کلّاً أو بعضاً. و أمّا سائر المؤن – کشقّ الأنهار و حفر الآبار و إصلاح النهر و تهیئة آلات السقي و نصب الدولاب و الناعور و نحو ذلک – فلابدّ من تعیین کونها علی أيّ منهما، إلّا إذا کانت هناک عادة تغني عن التعیین.
مسألة ۱۶- یجوز لکلّ من المالک و الزارع عند بلوغ الحاصل تقبّل حصّة الآخر بحسب الخرص بمقدار معیّن بالتراضي، و الأقوی لزومه من الطرفین بعد القبول. و إن تیبّن بعد ذلک زیادتها أو نقیصتها فعلی المتقبّل تمام ذلک المقدار و لو تبیّن أنّ حصّة صاحبه أقلّ منه، کما أنّ علی صاحبه قبول ذلک و إن تبیّن کونها أکثر منه و لیس له مطالبة الزائد.
مسألة ۱۷- إذا بقیت في الأرض اُصول الزرع بعد جمع الحاصل و انقضاء المدّة فنبتت بعد ذلک في العام المستقبل، فإن کان القرار الواقع بینهما علی اشتراکهما في الزرع و اُصوله کان الزرع الجدید بینهما علی حسب الزرع السابق، و إن کان القرار علی اشتراکهما فیها خرج من الزرع في ذلک العام فقد کان ذلک لصاحب البذر إلّا إذا أعرض عنه فهو لمن سبق.
مسألة ۱۸- یجوز المزارعة علی أرض بائرة – لا یمکن زرعها إلّا بعد إصلاحها و تعمیرها – علی أن یعمّرها و یصلحها و یزرعها سنة أو سنتین – مثلاً – لنفسه، ثمّ یکون الحاصل بینهما بالإشاعة بحصّة معیّنة في مدّة مقدّرة.
تاریخ به روزرسانی: سه شنبه, ۱۸ شهریور ۱۴۰۴