كتاب الإجارة
وفيه فصول
وهي المعاوضة على المنفعة عملا كانت أو غيره، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.
مسائل في الإجارة
مسألة ۱- لا بدّ فيها من الإيجاب والقبول، فالإيجاب مثل قول الخياط آجرتك نفسي، وقول صاحب الدار: أجرتك داري، والقبول مثل قول المستأجر قبلت، ويجوز وقوع الإيجاب. من المستأجر، مثل: استأجرتك لتخيط ثوبي واستأجرت دارك، فيقول المؤجر: قبلت وتجري فيها المعاطاة أيضا.
مسألة ۲- يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن التصرّف لصغر أو سفه أو تفليس أورق، كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرها على التصرّف إلاّ أن يكون الإكراه بحق.
مسألة ۳- يشترط في كل من العوضين أمور:
الأول: أن يكون معلوما بحيث لا يلزم الغرر على الأحوط، فالأجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بدّ من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدّ، وما يعرف منها بالمشاهدة لا بدّ من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.
لا يعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به كما في إجارة السيارة مثلا إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة فإن المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف ولا بأس بالجهل بمقدارها ولا بمقدار زمان السير. وفي غير ذلك لا بدّ من العلم بالمقدار وهو إمّا بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهرا، أو
المسافة مثل ركوب الدابة فرسخا أو فرسخين، وإمّا بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته ولا بدّ من تعيين الزمان في الأولين، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة والدابة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان بطلت الإجارة إلاّ أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.
الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الزمان في الإجارة على مثل الخياطة غير المتقوّم ماليته بالزمان فيجب. الإتيان به متى طالب المستأجر.
الثاني: أن يكون مقدورا على تسليمه فلا تصحّ إجارة العبد الآبق، وإن ضمّت إليه ضميمة على الأقوى.
الثالث: أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة فلا تصح إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.
الرابع: أن تكون العين ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح إجارة الخبز للأكل.
الخامس: أن تكون المنفعة محلّلة فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرّمات، ولا إجارة الجارية للغناء.
ا
لسادس: تمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد.
مسألة ۴- إذا آجر مال غيره توقّفت صحة الإجارة على إجازة المالك وإذا آجر مال نفسه وكان محجورا عليه لسفه أو رقّ توقّفت صحتها على إجازة الولي وإذا كان مكرها توقّفت على الرضا، لا بداعي الإكراه.
إذا آجر السفيه نفسه لعمل فالأظهر الصحة والأحوط الاستيذان من الولي.
مسألة ۵- إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل، وإذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض فلا بد من تعيين الأرض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافا في المالية لم يجب التعيين.
مسألة ۶- إذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الإجارة، وإذا قال: آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الأول وبطل في غيرهوكذا إذا قال آجرتك شهرا بدرهم فإن زدت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الإجارة، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهما أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا بأس.
مسألة ۷- إذا قال: إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم وإن خطته بدرزين فلك درهمان، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح وإن قصد الإجارة بطل، وكذا إن قال: إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم. والفرق بين الإجارة والجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض ولأجل ذلك صارت عقدا وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبدا. ولأجل ذلك صارت إيقاعا.
مسألة ۸- إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئا على عمله فإن لم يمكن العمل ثانيا تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل وإن أمكن العمل ثانيا وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.
إذا استأجره على عمل بشرط، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة
من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة وعليه حينئذ أجرة المثل وله إمضاؤه ودفع الأجرة المسماة والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص وأما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطا.
مسألة ۹- إذا استأجر دابة إلى«كربلاء»مثلا بدرهم واشترط على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهارا أعطاه درهمين صح.
لو استأجر دابة مثلا إلى مسافة بدرهمين واشترط على المؤجر أن يعطيه درهما واحدا إن لم يوصله نهارا صح ذلك.
إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهارا بدرهمين أو ليلا بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مرددا بينهما فالإجارة باطلة.
مسألة ۱۰- إذا استأجره على أن يوصله إلى«كربلاء»و كان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين استحق الأجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.